من “الخوف من فوات الفرصة” إلى “الخوف من إغلاق الأبواب”

Google+ Pinterest LinkedIn Tumblr +

ما الذي يحرك الأسواق؟ المحلل الأساسي من أمثالي سيتحدث عن العوامل الاقتصادية الأساسية مثل معدلات التضخم ومعدلات النمو والسياسة النقدية والسياسة المالية والبطالة …إلخ. ولكن هذه حقائق. والحقائق ليست كل شيء. فمن المهم أيضًا فهم كيفية تفسير الناس للحقائق. هل الكوب نصف ممتلئ أم نصف فارغ؟ صحيح إنه نفس الكوب ولكن الناس سينظرون إليه ويفسرونه بشكل مختلف باختلاف موقفهم. وهذا التفسير هو أهم شيء في الأسواق لأنه ينشأ إما نتيجة لأن الناس يريدون الشراء أو يريدون البيع.

وكان الحدث الأبرز في حياتي المهنية كمحلل في يناير عام 1980. ففي يوم الثالث من يناير، قامت بورصة باريس لأول مرة في تاريخها بإيقاف تداول الذهب بسبب عدم توازن الأوامر – كان يوجد مشترين فقط. وفي اليوم التالي اضطرت إلى تعليق التداول مرة أخرى بسبب عدم توازن الأوامر – كان يوجد بائعين فقط. واستغرق الأمر من الذهب 26 عامًا لاستعادة تلك الأسعار.

وقد استغرق الأمر مني خمس سنوات حتى أرى يومًا آخر كذلك اليوم. ففي يوم 26 فبراير عام 1985 حقق الدولار الأمريكي أكبر ارتفاع له في يوم واحد مقابل العملات الأجنبية الرئيسية على امتداد سبع سنوات حيث ارتفع أمام المارك الألماني بمقدار 4 سنتات في يوم واحد ليصل إلى أعلى مستوى في 13 عامًا ونصف عند 3.4390 مارك ألماني. وانخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته في ذلك الصباح ليصل إلى 1.03 دولار قبل أن يتعافى ليغلق عند 1.0615 دولار. وكان الشيء الغريب هو أنه لا أحد يستطيع معرفة سبب هذا الارتفاع الكبير الذي شهده الدولار ولكن معظم الخبراء الاقتصاديين الذين استطلعت الصحف آرائهم اتفقوا على أن الدولار سيواصل الارتفاع. ولكن في اليوم التالي، بدأ رئيس البنك المركزي الأمريكي وقتئذ بول فولكر الحديث عن المزيد من التدخل في أسواق العملات، وفي خلال 15 دقيقة فقط هبط الدولار الأمريكي بمقدار 8 سنتات. ووصل الفرق بين سعري الشراء والبيع 150 نقطة.

تعلمت من مثل هذه الأحداث أنه في المحصلة النهائية فإن ما يجعل الأسواق تتحرك ليس البنك المركزي الأمريكي ولا أسعار الفائدة ولا السياسة المالية، وإنما ما يحرك الأسواق هما اثنان من المشاعر الإنسانية الأساسية وهما الخوف والطمع.

وفي الحقيقة فإن سوق العملات المشفرة، حيث يكون للعوامل الاقتصادية الأساسية أهمية ثانوية في أذهان الناس إن وجدت أصلاً، هي سوق مثالية “للخوف والجشع”. فلماذا لماذا يشتري الناس العملات المشفرة؟ معظم العملات ورائها قصة أو نظرية أو ايديولوجية أو رسالة. صحيح أن الناس قد يكونوا مؤمنين بهذه الأفكار ولكنهم في نهاية المطاف يقومون بشراء العملة لسبب واحد وهو: اعتقادهم بأن هذه العملة المشفرة من المرجح أن ترتفع قيمتها. فهم ينظرون إليها ويشترونها باعتبارها استثمارًا أو أحد الأصول. هناك عبارة رئيسية تفسر ذلك وهي “الخوف من فوات الفرصة” لأنهم يروا أن أصدقائهم قد ربحوا المال ويقرأون عن أصحاب المليارات الذين ربحوها من بيتكوين (وهو شعور أعترف أنني شعرت به أيضًا عندما وصل سعر بيتكوين إلى 60 ألفدولار. وبدأت أسأل نفسي كم كان سيكون لدي من أموال إذا كنت قد اشتريت بمبلغ 1000 دولار عندما كانت قيمة العملة 5 دولار فقط. والإجابة هي كان سيصبح معي أكثر بكثير مما أملك حاليًا، هذا أمر مؤكد).

ومن ناحية أخرى، فعندما تبدأ الأسعار في الانخفاض، سيكون بعض الأشخاص على استعداد لاستخدام استراتيجية الاحتفاظ بالعملة المشفرة لأطول فترة ممكنة ولكن الكثيرين سيقررون الخروج متى كان ذلك ممكنًا. سيتم نسيان “الخوف من فوات الفرصة” وبدلاً من ذلك سنرى ظاهرة في السوق وهي مشتقة من الكلمة الألمانية Torschlusspanik التي تعني الخوف من إغلاق الباب. وهذا هو الذعر الذي يغذي التزاحم على المصارف لسحب الودائع.

وهذا هو ما شهدناه في هذا الأسبوع. وكانت نجم الفيلم لهذه الظاهرة عملة اسمها “لونا“. فمنذ شهر مضى، كانت عملة لونا تحتل المركز الرابع في قائمة أشهر العملات المشفرة. وعملة لونا هي العملة المشفرة الشقيقة لعملة TerraUSD المعروفة أيضًا باسم UST. ومن المفترض أن يكون سعر عملة TerraUSD ثابتًا عند 1 دولار ولكنه لسبب ما “كسر مستوى الدولار” ويتم الآن تداول العملة بسعر 40 سنتًا فقط. ونتيجة لذلك، انخفض سعر علة لونا وأغلقت العملة عند 77.46 دولار يوم الجمعة ثم هبطت إلى 64.08 دولار يوم الأحد ثم 32.00 دولار يوم الاثنين ثم 17.52 دولار يوم الثلاثاء ثم 1.07 دولار يوم الأربعاء. وفي يوم الخميس وأثناء البحث عن الرسم البياني لسعر العملة وجدت أن السعر قد انخفض إلى 0.01491. يا للهول! لقد تراجع السعر الآن إلى 0.01289 دولار منخفضًا نسبة 14% أخرى خلال دقائق. وبالمقارنة، فقد بلغ سعر العملة أعلى مستوياته عند 119.18 دولار يوم 5 أبريل الماضي.

(إذا كنت تعتقد أن السعر لا يمكن أن ينخفض ​​أكثر من ذلك، فاعلم أن سعر العملة في صباح يوم الجمعة كان 0.00005348 دولارًا، بانخفاض بنسبة 99.6% عن سعر العملة عندما كنت أكتب يوم الخميس. وبعبارة أخرى، فمهما كان انخفاض العملة فإنه لا يزال من الممكن أن تخسر 100% من استثمارك فيها. وهذا يشبه إلى حد ما النسخة المالية من مفارقات زينون).

وهذا مستوى بعيد كل البعد عما كانت عليه العملة في شهر يناير الماضي فقط، عندما كانت إعلانات العملات المشفرة تهيمن على السوبر بول، أغلى منصة إعلانية على التلفزيون الأمريكي. وكما قال مراسل صحيفة ذي وول ستريت جورنال إن “هذه لحظة حقيقية كاشفة للقطاع بالكامل”. وفيما قد يعتبر نوعًا فريدًا من المفارقة غير المقصودة، قال هذا الصحفي إن عرض هذه الإعلانات في عام 2022 أشبه ما يكون “بفقاعة الدوت كوك عام 2000” عندما كانت إعلانات السوبر باول تهيمن عليها “مجموعة كبيرة من الشركات العالمة في مجال الإنترنت والتي فشل عدد كبير منها”. سأكتفي قول حسنًا تعقيبًا على ذلك.

والشيء الغريب هو أن إحدى عوامل الجذب الرئيسية لبيع هذه العملات هي أنها تمثل حماية وتحوطًا ضد التضخم لأنها لا تخضع لأهواء الحكومات التي تقلل من قيمة عملاتها. وعلى هذا الأساس، يمكن للمرء أن يتخيل أن العملات المشفرة الآن قد ارتفعت إلى أعلى مستوياتها بعد ارتفاع التضخم إلى أعلى مما كان يتخيله أحد قبل عام. ولكن تبين أن الأمور لا تسير بهذه الطريقة.

يعرض هذا الرسم البياني عملة بيتكوين ورد فعلها على قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي. يوضح الرسم البياني كيف تغيرت قيمة بيتكوين بعد إصدار قراءة مؤشر أسعار المستهلكين بفترات 5 دقائق و30 دقيقة وساعة واحدة. ويتم قياس التغير مقابل المفاجأة في قراءة المؤشر – ما مقدار الاختلاف بين القراءة الفعلية للمؤشر وتوقعات السوق قبل صدور القراءة (مقاسة بانحرافات معيارية للتوقعات التي تنأ بها خبراء مختلفين). والبيانات في هذا الرسم البياني هي مؤشر أسعار المستهلكين حتى شهر مارس والذي تم الإعلان عنه في شهر أبريل.

وما يمكنك معرفته على الفور من هذ الرسم البياني هو أن خطوط الاتجاه تنحدر لأسفل باتجاه الناحية اليمنى. وهذا يعني أن عملة بيتكوين غالبًا ما تنخفض عندما تكون قراءة مشر أسعار المستهلكين أعلى من التوقعات وترتفع عندما تكون قراءة مشر أسعار المستهلكين أقل من التوقعات. وإذا كانت العملة بالفعل تحوطًا ضد التضخم كنا سنجد أن هذه الخطوط تتجه إلى الاتجاه العكسي: سيشتري الناس العملة عند ارتفاع التضخم. ولكن هذا لم يحدث. فالمالكين للعملة مثلهم مقل مالكي أي أصول أخرى محفوفة المخاطر يقومون ببيع العملة عندما يكون من المرجح أن يقوم البنك المركزي الأمريكي بزيادة رفع أسعار الفائدة.

وبالمناسبة فهذا الأمر يسري أيضًا على الذهب. فالذهب يتم تداوله أيضًا باعتباره من الأصول المحفوفة بالمخاطر شديدة التأثر أسعار الفائدة وليس باعتباره وسيلة للتحوط والحماية من التضخم.

ونعود الآن إلى بيتكوين، فقد تم تحديث هذا الرسم البياني ليشمل أرقام مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أبريل التي صدرت يوم الأربعاء الماضي. ويمكنك أن ترى أن سعر عملة بيتكوين قد انخفض بشكل أكبر بكثير مما كان سيحدث في السابق نتيجة لمفاجأة بهذا الحجم. وربما يشير ذلك إلى زيادة العصبية والتوتر بين أصحاب استراتيجية الاحتفاظ بالعملة للأبد.

وفي الحقيقة فإن بيتكوين يتم تداولها الآن مثل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تقريبًا. فارتباط التغيرات اليومية لعملة بيتكوين بسوق الأسهم قد وصل إلى مستوى مرتفع قياسي يبلغ حوالي 70%.

الخلاصة هنا هي أن الأسواق مقبلة على مرحلة خطيرة بسبب نفسية المستثمرين. فالكثير من المتداولين لم يسبق لهم رؤية رفع لأسعار الفائدة أبدًا ولم يسبق لهم أبدًا رؤية سوق هبوطية. فبالنسبة للأشخاص الذين كان “الشراء عند انخفاض الأسعار” والاحتفاظ بأصولهم المشتراة لفترات طويلة جدًا استراتيجية ناجحة جدًا على مدار السنوات العشر الماضية في طريقهم لأن يعرفوا الآن لماذا تقوم شركات مثل شركتنا بالتحذير من المخاطر في محاضراتنا ولماذا نؤكد دائمًا أن “الأداء السابق لا يضمن تكرار نفس الأداء في المستقبل”.

وأنا لا أقول إن السوق ستشهد هبوطًا حتميًا لا رجعة فيه. فالكثيرين اعتقدوا أن العملات المشفرة قد انتهى أمرها عندما انخفض سعر عملة بيتكوين من أعلى مستوى له في ديسمبر2017 عند 19042 دولارًا هابطًا إلى 3157 دولارًا بعد ذلك بعام واحد. ولكن انظر ماذا حدث! وفي الحقيقة فإن سعر بيتكوين قد انخفض يوم الخميس بنسبة 10%خلال اليوم ولكنه ارتفع بعدها بنحو 20% ليتم تداول العملة بارتفاع بنسبة 7% عن إغلاقها يوم الأربعاء. فقط تذكر خلال تداولك أن الأسواق يمكن أن تنخفض مثلما يمكن أن ترتفع. وهذا درس مع الأسف لم يتعلمه الكثير من الأشخاص الذين بدأوا التداول في السنوات العشر الماضية.

المؤشرات في الأسبوع المقبل: المزيد من مؤشرات ثقة المستهلكين وبريطانيا ستكون تحت المجهر

كالمعتاد، سينصب التركيز في الأسبوع المقبل على بيانات التضخم حيث ستعلن كل من بريطانيا وكندا عن قراءة مؤشر أسعار المستهلكين يوم الأربعاء كما ستعلن اليابان عن مؤشر أسعار المستهلكين الوطني يوم الجمعة.

ومن المتوقع ارتفاع التضخم في بريطانيا بعد قيام جهاز تنظيم قطاع الطاقة البريطاني بزيادة بنسبة 54% للحد الأقصى لسعر الغاز والكهرباء للمنازل في شهر أبريل.  ومن المفترض ألا يكون الرقم الكلي للتضخم صادمًا لأحد لأن البنك المركزي البريطاني يتوقع أن يبلغ التضخم نحو 9.1% على أساس سنوي في الربع الأول. ومع ذلك فإن الارتفاع لن يقتصر على التضخم الكلي فحسب وإنما من المتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي (المستثنى منه الطاقة) أيضًا. ويأتي ذلك بعد الأرقام المخيبة للآمال للناتج الإجمالي المحلي البريطاني التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي وكشفت عن انخفاض الناتج في شهر مارس وبالتالي فإن مؤشر أسعار المستهلكين سيبرز المعضلة التي يواجهها البنك المركزي البريطاني وهي: المفاضلة بين مواجهة تضخم حاد أو مواجهة انخفاض النمو. وأشك في أن البنك سيختار مواجهة انخفاض في النمو. ويعني ذلك انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية وضعف الجنيه الإسترليني.

وستعلن بريطانيا هذا الأسبوع أيضًا عن العديد من المؤشرات الاقتصادية المهمة الأخرى، وتحديدًا بيانات التوظيف (يوم الثلاثاء) ومبيعات التجزئة (يوم الجمعة). ولكن من المرجح أن ينصب الاهتمام على الخلاف المتزايد بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية. فمثلما يرفض الزومبي أن يموت، تواصل هذه المسألة العودة من قبرها مرارًا وتكرارًا – ربما لأنه لم يتم التوصل إلى حل مناسب لهذه المشكلة من الأساس فنائب رئيس المفوضية الأوروبية، ماروش شيفوفيتش، ووزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، قد تبادلا الملاسنات والانتقادات مؤخرًا بشأن هذا الموضوع.

وفالت صحيفة ذي إيكونوميست إن المشكلة تتمثل في أن الحزب الديمقراطي الاتحادي، الذي جاء في المركز الثاني في الانتخابات الأخيرة التي عقدت في أيرلندا الشمالية، يكره هذا البروتوكول لأنه يرى أنه يقوض علاقات أيرلندا الشمالية مع “البر الرئيسي”. ويرفض الحزب أن يتولى منصب نائب الوزير الأول في المكتب التنفيذي لأيرلندا الشمالية (وهو المكتب التي تدير حكمة أيرلندا الشمالية المفوضة) إلا بعد أن يتم إلغاء البروتوكول أو تغييره تغييرًا جذريًا. (ولا يمكن أن يعمل المكتب دون وجود الوزير الأول ونائب الوزير الأول معًا، ولذلك فإن رفض الحزب تولي منصبه يعطل تشكيل حكومة أيرلندا الشمالية). وردًا على ذلك، نقل عن وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس أنها تعتزم طرح مشروع قانون جديد للتخلي عن معظم بنود البروتوكول، وهو أمر لن يروق على الإطلاق للمفوضية الأوروبية. وبالتالي فإن مثل هذه الخطوة من المحتمل أن تؤدي إلى دعاوى قضائية وإجراءات تجارية انتقامية والتي يمكن أن تؤثر تأثيرًا سلبيًا على الجنيه الإسترليني.

بالنسبة إلى مؤشر أسعار المستهلكين في كندا، فلا تتوفر توقعات حتى الآن. ولن يكون مستغربًا تسجيل رقم مرتفع. فقد قال البنك المركزي الكندي في بيانه الذي أعقب اجتماع شهر أبريل إن “تضخم مؤشر أسعار المستهلكين من المتوقع الآن أن يبلغ في المتوسط نحو 6% في النصف الأول من عام 2022 وأن يظل أعلى بكثير من نطاق التحكم طوال معظم العام”. ومن المرجح أن يكون هذا الرقم سببًا لتشديد البنك المركزي الكندي لسياسته النقدية في اجتماعه المقبل الذي سيعقد في ألأول من يونيو. تأثير إيجابي على الدولار الكندي.

وستعلن كندا أيضًا عن قراءة تقرير المنازل مبدوءة البناء يوم الاثنين.

ومن المتوقع أن يسجل مؤشر أسعار المستهلكين الوطني الياباني ارتفاعًا بمقدار 1.3 نقطة مئوية ليصل إلى 2.5% على اساس سنوي. وسيكون ذلك هو أول ارتفاع للتضخم فوق مستوى 2% منذ عقود دون زيادة ضريبة الاستهلاك (تقريبًا). فهل يمكن أن نتوقع مشاهدة الاحتفالات بذلك في منطقة كاسوميغاسيكي بطوكيو التي يوجد بها البنك المركزي الياباني؟ في الواقع من الصعب حدوث ذلك.

ويذكر أن ملخص الآراء لاجتماع البنك المركزي الياباني الذي عقد في شهر أبريل قد كشف أن معظم أعضاء مجلس السياسة النقدية لا يزالوا متشككين بشأن ما إذا كان التضخم سيظل بشكل مستدام فوق مستوى 2% الذي يستهدفه البنك. فقد قال أحد الأعضاء “إن معدل التغير السنوي في مؤشر أسعار المستهلكين من المرجح أن يكون حول 2 بالمائة في الوقت الحالي من أبريل ولكن من غير المرجح أن يستمر معدل الارتفاع فوق مستوى 2 بالمائة نظرًا للقيود على ميزانية الأسر”. وقال عضو آخر “إن التغير على أساس سنوي في مؤشر أسعار المستهلكين من المرجح أن يكون حول مستوى 2 بالمائة في النصف الأول من العام المالي 2022، ويرجع ذلك بشكل اساسي إلى الارتفاع في أسعار السلع الأساسية. ولكن بدءًا من النصف الثاني فإنه يجب الانتباه إلى المخاطر الهبوطية الناتجة عن الانخفاضات المحتملة في أسعار السلع الأساسية”. لا أزال قلقًا بشأن مخاطر انخفاض التضخم!

لاحظ أيضًا أن معدل التضخم “الأساسي-الأساسي” والذي يستثنى منه أسعار الطاقة والأغذية الطازجة (غير معروض)، والذي يماثل التضخم الأساسي في البلدان الأخرى، من المتوقع أن يرتفع فقط بنسبة 0.7% على أساس سنوي. وصحيح أن هذا يمثل تحولاً كبيرًا عن الانخفاض بنسبة سالب 0.7% على أساس سنوي في شهر مارس ولكن هذا الارتفاع ليس من ذلك النوع من الارتفاع الذي يمكن أن يتسبب في ذعر البنوك المركزية الأخرى في العالم. تأثير محايد على الين الياباني.

كما ستعلن اليابان أيضًا يوم الأربعاء عن قراءة تقرير الناتج الإجمالي المحلي للربع الأول. وتتوقع السوق انخفاض الناتج، ربما بسبب قيود كوفيد-19 المتبقية والمشاكل المتعلقة بسلسلة التوريد في الصين. ومن المتوقع ارتفاع النمو في الربع الثاني ولذلك فإنني لا أتوقع أن يؤدي ذلك إلى تأثير دام على الين الياباني. ومع ذلك فهذا سبب آخر لدفع البنك المركزي الياباني لتأجيل تطبيع سياسته أو حتى مجرد التفكير في تعديل الحد الأقصى للتحرك في أسعار الفائدة الذي يبلغ مقداره ±25  نقطة أساس في سياسة “التحكم في منحنى العائد” التي يتبعها البنك. تأثير سلبي على الين الياباني.

توجد مؤشرات يابانية مهمة أخرى سيتم الإعلان عنها خلال الأسبوع مثل مؤشر قطاع الخدمات (الثلاثاء) والميزان التجاري وطلبيات الآلات (الخميس).

وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، سيكون يوم الثلاثاء هو اليوم الأهم حيث سيشهد الإعلان عن تقريري مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي. ومن المتوقع أن تسجل مبيعات التجزئة ارتفاعًا طفيفًا بما يتفق مع المتوسط المتحرك لفترة ستة أشهر (0.9% على أساس شهري مقابل متوسط 1% على أساس شهري) وهو رقم ربما يكون مطمئنًا للناس بأن المستهلك الأمريكي لا يزال في حالة الإقبال على الشراء. ومن المرجح أن هذا الرقم لمبيعات التجزئة قد حظي بالدعم من ارتفاع مبيعات السيارات بنسبة 8.9%على أساس شهري. أما باستثناء مبيعات السيارات ومحطات البنزين فإنه من المتوقع أن تسجل مبيعات التجزئة ارتفاعًا طفيفًا مقداره 0.4% على أساس شهري.

ومع ذلك، سيكون هذا الرقم جيدًا بالنظر إلى الانخفاض الأخير في ثقة المستهلكين، على الرغم من أنني قد قلت منذ قليل إنني لا أرى أدلة كثيرة تفيد أن استبيانات ثقة المستهلكين توفر توقعًا مفيدًا بشأن الاستهلاك. وأعتقد أن هذه البيانات ستطمئن الناس بشأن متانة الاقتصاد الأمريكي القائم على الاستهلاك وبالتالي فإنها ستكون إيجابية للدولار الأمريكي.

كما ستشهد الولايات المتحدة أيضًا الإعلان عن مؤشر نيويورك إمباير ستيت للصناعة التحويلية (يوم الاثنين) ومؤشر فيلادلفيا الفيدرالي للصناعة التحويلية (الخميس)، وسيصدر أيضًا التقريرين المتعلقين بالإسكان وهما: المنازل مبدوءة البناء (الأربعاء) ومبيعات المنازل القائمة (الخميس). وستكون لبيانات الإسكان أهمية بالغة في ضوء الارتفاع الأخير في أسعار فوائد الرهن العقاري والأدلة السردية عن تراجع الطلب على المنازل في ظل انخفاض الأسهم وبدء ظهور الأثر السلبي لتأثير الثروة.

ومن المتوقع أن يسجل كلا التقريرين انخفاضًا طفيفًا: فمن المتوقع أن تبلغ المنازل مبدوءة البناء 1.76 مليون على أساس سنوي مقابل 1.79 مليون في الشهر السابق، ومن المتوقع أن تبلغ مبيعات المنازل القائمة 6.65 مليون على أساس سنوي مقابل 5.77 مليون في الشهر السابق. وهذه المرونة التي تتسم بها سوق الإسكان في مواجهة أسعار الفائدة المرتفعة ربما تطمئن البنك المركزي الأمريكي بأنه يستطيع مواصلة رفع أسعار الفائدة دون إلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي. وسيكون لذلك تأثير إيجابي على الدولار الأمريكي ولكن ربما يكون تأثيره سلبيًا على الأسهم.

لا توجد الكثير من البيانات التي سيتم الإعلان عنها في أوروبا: ستصدر القراءة الثانية للناتج الإجمالي المحلي للربع الأول في الاتحاد الأوروبي (التي نادرًا ما يتم تعديلها بأكثر من 10 نقاط أساس ارتفاعًا أو هبوطًا) ومؤشر أسعار المنتجين الألماني ومؤشر ثقة المستهلكين في الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة.

وعلى صعيد المؤشرات الاقتصادية الأسترالية، سيكون أهم مؤشرين سيصدران خلال الأسبوع هما: مؤشر أسعار الأجور للربع الأول (الأربعاء) وبيانات التوظيف (الخميس). وحتى اجتماع شهر أريل كان البنك المركزي الأسترالي يرى أنه لا يستطيع رفع أسعار الفائدة لأن “النمو في تكاليف العمالة كان أقل من المعدلات التي من المرجح أن تكون متسقة مع التضخم المستدام عند المستوى المستهدف”. وتغيرت وجهة النظر هذه بالطبع في اجتماع شهر مايو الذي قال فيه البنك إن “اتصالات البنك مع دوائر الأعمال التجارية تشير إلى أن نمو الأجور قد بدأ في التعافي” وقام البنك برفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. والآن ليس علينا إلا أن نعرف ما إذا كانت البيانات تؤيد ما يسمعوه.

وتشير توقعات السوق إلى أن البنك المركزي الأسترالي يسير على الطريق الصحيح. فمن المتوقع ارتفاع الأجور بنسبة 2.4% على أساس سنوي، بارتفاع من 2.3% على أساس سنوي في الربع الرابع من العام الماضي وعن 1.4% على أساس سنوي في الربعين الثالث والرابع من عام 2020.

ومن الناحية التاريخية فإن هذا المستوى من الارتفاع في الأجور كان مرتبطًا بالتضخم عند كان يبلغ مستواه 2% تقريبًا، أي في أسفل النطاق الذي يستهدفه البنك المركزي الأسترالي والذي يتراوح من 2 إلى 3%. وعلى أي حال، فهذا الاتجاه يتوافق مع ما يريد البنك رؤيته. وبما أن هذا المؤشر بصدر بشكل ربع سنوي فإن إصدار المؤشر الذي سيصدر هذا الأسبوع هو الإصدار الوحيد المتبقي قبل اجتماعات البنك المركزي الأسترالي التي ستعقد خلال شهور يونيو ويوليو وأغسطس. تأثير إيجابي على الدولار الأسترالي.

Share.
تحذير بشأن المخاطر: يعتمد التداول في الفوركس أو عقود الفروقات والمشتقات الأخرى اعتمادًا كبيرًا على المضاربة وينطوي على مستوى مرتفع من المخاطر. الإفصاح العام عن المخاطر