لست من محبي وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد، مهندس الغزو الأمريكي للعراق. ومع ذلك، فقد قال عبارة لا تُنسى والتي أصبحت جزءًا من المفردات الأمريكية. ففي لقاء إعلامي نظمته وزارة الدفاع الأمريكية يوم 12 فبراير 2002، سأل أحد الصحفيين رامسفيلد عن عدم وجود أدلة تثبت صلة حكومة العراق بإمداد الجماعات الإرهابية بأسلحة الدمار الشامل. فرد قائلاً:
التقارير التي تقول إن شيئًا ما لم يحدث هي دائمًا موضع اهتمامي، لأنه كما نعرف هناك أمورًا معلومات معلومة؛ وهي الأمور التي نعرف أننا نعرفها. ونعرف أيضًا أن هناك أمورًا مجهولات معلومة؛ بمعنى أننا نعرف أن هناك بعض الأمور التي لا نعرفها. لكن هناك أيضًا أمورًا مجهولات مجهولة — وهي الأمور التي لا نعرف أننا لا نعرفها. وإذا نظر المرء على امتداد تاريخ بلادنا والبلدان الحرة الأخرى، فإن الفئة الأخيرة هي الأكثر صعوبة.
وينطبق الأمر نفسه على الأسواق المالية. فغالبًا ما تكون المجهولات المجهولة – الأمور التي لا تعرف عنها أي شيء – هي التي تمنحها الأسواق أهمية. ففي بداية عام 2020، من ذا الذي كان يضع جائحة عالمية في قائمة الأمور التي تثير قلقه خلال العام؟
بالنسبة إلى عام 2022، تتمثل بعض “المجهولات المعلومة” في تطور الفيروس ووتيرة تطبيع السياسة النقدية. وسوق العقارات في الصين والاقتصاد الصيني ككل ولاسيما كيف سيؤثر على الطلب العالمي على السلع الأساسية. ومنظمة أويك وسوق النفط – هل تستطيع المنظمة مواكبة الطلب الآخذ في الارتفاع؟ هذه هي الأمور التي تناولتها في توقعاتي لعام 2022.
أما اليوم فإنني أود الحديث عن “المجهولات المجهولة” – أي عن عدد من الأمور التي يمكن أن تحدث والتي لا نمنحها أي جزء من تفكيرنا.
1) انهيار النظام في كوريا الشمالية
أنا مشترك في إحدى القنوات على منصة باتريون، والتي تحمل اسم صوت كوريا الشمالية, والتي تقدمها الهاربة من كوريا الشمالية “بارك يون مي”. ولديها أيضًا قناة مجانية على بوتيوب والتي تستحق أيضًا الاشتراك فيها. كان من ـحدث الفيديوهات التي قدمتها مؤخرًا فيديو يحمل عنوان التهديدات الوشيكة التي تنذر بانهيار النظام في كوريا الشمالية. قالت في هذا الفيديو إن هناك مؤشرات على احتمال انهيار النظام في كوريا الشمالية بسبب الضغوط الناجمة عن الجائحة. فكوريا الشمالية ليس لديها أي لقاحات أو معدات للتعامل مع فيروس كورونا، وجميع السكان مصابون بسوء التغذية ونقص المناعة، بمن فيهم الجيش الهائل الذي يبلغ عدده ما يقرب من مليون شخص مليون شخص (3.7% من السكان). وبمجرد أن يصاب البعض في الجيش بفيروس كورونا، فمن المحتمل أن ينتشر الفيروس في الجيش انتشار النار في الهشيم ويؤدي إلى انهيار الجيش، مما يجعل النظام الحاكم في كوريا الشمالية أعزل. وتقول بارك أيضًا إن الرفيق المحترم كيم جونغ أون ربما يكون قد مات بالفعل. صحيح أن بارك تبدو متفائلة جدًا ولذلك فإنني لا أصدق كل ما تقوله ولكن مسألة الجائحة التي تحدثت عنها تبدو منطقية. وهي ترى أن بأن الصين ستسيطر على كوريا الشمالية في حالة انهيار النظام هناك، مما قد سيؤدي إلى أزمة دولية كبرى. وبالطبع فإنه إذا حدث ذلك فإننا سنكون أمام بيئة مثالية لارتفاع الفرنك السويسري، لأن الين قد لا يؤدي دور عملة الملاذ الآمن في ظل هذه الفوضى التي ستشهدها جارتها النووية.
2) موت الرئيس الأمريكي بايدن
الرئيس جو بايدن هو أكبر من تولى منصب الرئيس الأمريكي. ويمكن أن يموت في أي لحظة. فما تأثير ذلك على الولايات المتحدة؟ ستتولى النائبة الحالية للرئيس كامالا هارس رئاسة الولايات المتحدة. وهي ليست لديها شعبية قوية جدًا في الحزب الديمقراطي، ناهيك عن الولايات المتحدة ككل. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إلقاء الحكومة الأمريكية في حالة من الفوضى قبل انتخابات التجديد النصفي التي ستقام في عام 2022، مما قد يؤدي إلى حصول الحزب الجمهوري على الأغلبية في الكونجرس. وبطبيعة الحال فإن هذا سيدفع الولايات المتحدة إلى طريق مسدود تمامًا.
3) القبض على ترامب … أو موته
لماذا يمثل ذلك تهديدًا للسوق. لأنني أرى أنه أ) من الممكن إن لم يكن من المحتمل أن يتم القبض عليه عاجلاً أو آجلاً، و ب) أرى أن ذلك سيؤدي إلى نشوب حرب أهلية في الولايات المتحدة. صحيح أن البعض يقول “إن المسألة مسألة وقت فقط!” ينبغي على الجميع عدم نسيان أن عدد من اختاروه رئيسًا يبلغ 74 مليون أمريكي وهو ثاني أكبر عدد من الأصوات حصل عليه أي مرشح رئاسي على مدار التاريخ الأمريكي. وأنا متأكد من أن إلقاء القبض على ترامب سيشجع بعض الأمريكيين على حمل السلاح ضد الحكومة – لعلنا نتذكر ما حدث في العاصمة واشنطن في السادس من يناير الماضي – مما يمكن أن يؤدي إلى سقوط الولايات المتحدة في حرب أهلية. أما بالنسبة إلى موته… فترامب الآن يبلغ من العمر 75 عامًا، وهو يعاني من السمنة ومدمن مخدرات كما أنه قد أصيب بفيروس كورونا من قبل. ويمكن أن يموت في أي لحظة. فما تأثير ذلك على الحزب الجمهوري؟
أنا أرى أن انتخابات التجديد النصفي الأمريكية التي ستقام في شهر نوفمبر هي أحد “المجهولات المعلومة.” فهي من الممكن أن تؤدي إلى خسارة الحزب الديمقراطي للأغلبية في الكونجرس، مما يعني أنا سنكون أمام حكومة أمريكية منقسمة وهي حكومة لن تكون قادرة على اتخاذ أي إجراء قوي. أو يمكن أن يحدث ما هو أسوأ من ذلك – وهو فوز أعضاء الحزب الديمقراطي ولكن يتم منعهم من تولي مناصبهم بذريعة التزوير في الانتخابات بواسطة الجمهوريين الذين ربما يكونون هم أنفسهم القائمين على عمليات فرز الأصوات. وقد يؤدي ذلك إلى وضع الولايات المتحدة على طريق أزمة لأزمة دستورية ممزقة. وبطبيعة الحال، هناك أيضًا احتمال أن يحصل الديمقراطيون على أغلبية واسعة تمكنهم أخيرًا من اتخاذ إجراءات حاسمة وإقرار جميع أنواع القوانين التقدمية الرائعة التي ستدخل الولايات المتحدة في النهاية في القرن الحادي والعشرين، ولكن هذا سيناريو متطرف وخيالي للغاية.
4) التمرد على قيود كوفيد -19
تفاقم الجائحة سوءًا ليس من بين “المجهولات المجهولة”. بل على النقيض، فربما يكون هذا التفاقم هو رقم 1 في قائمة المخاطر في عام 2022. ولكن إذا اضطر العالم للعودة إلى حالة الإغلاق والعزل العام مرة أخرى … فهناك في كل مكان الآن الكثيرين من المرضى والذين سئموا من الحبس في منازلهم أو بالمستشفيات. فالخطر المجهول ليس هو الضرر الذي يلحق بالاقتصاد من عمليات الإغلاق والعزل العام بقدر ما يتمثل في الاضطرابات المدنية الناجمة عن مقاومة عمليات الإغلاق والعزل العام. “فالمجهول المجهول: ليس الفيروس وإنما رد الفعل المدني والسياسي على الفيروس. فكيف سيؤثر ذلك على الانتخابات الفرنسية التي ستقام في أبريل وانتخابات أيرلندا الشمالية وأستراليا اللذان سيقامان مايو؟
ومن ناحية أخرى، يمكن أن نكون محظوظين ويحدث العكس -أي أن فيروس كوفيد-19 يختفي أو يصبح مرضًا غير ضار. فنحن الآن لا ينتابنا أي خوف أو قلق بشأن الإنفلونزا الإسبانية أو الطاعون الدبلي على الرغم من أن هذين المرضين قد تسببا في موت ملايين البشر في وقت من الأوقات. ومن الواضح أن الأمراض يمكن أن تختفي أو تموت لأسباب طبيعية. صحيح أن متحور أوميكرون أو المتحور الذي سيأتي بعده أسهل في الانتشار وأقل ضررًا – ولكنه يمكن أن يصبح مجرد مرض آخر يمكن للناس التعامل معه.
5) التضخم في اليابان
لم يكن التضخم ملحوظًا في اليابان منذ نحو 25 عامًا. وكانت المرات الوحيدة التي تجاوزت فيها قراءة مؤشر أسعار مستوى 2% سنويًا عندما رفعت الحكومة ضريبة الاستهلاك، والتي من الواضح أنها ترفع أسعار التجزئة. ولكن بعد ارتفاع أسعار المواد الخام بنحو 75% على أساس سنوي وارتفاع أسعار المنتجين بنسبة 9%، فهل من الممكن أن يتغير ذلك؟ وكيف سيتصرف البنك المركزي الياباني؟ والأهم من ذلك، ماذا سيحدث للموارد المالية للحكومة اليابانية إذا اضطرت الحكومة لدفع فوائد كبيرة عن ديونها؟ فعلى مدار سنوات كانت اليابان توصف بأنها “حشرة باحثة عن مصد للرياح”، نتيجة لمواردها المالية غير المستدامة، ولكنها تتحرك بشكل سلس بسبب قدرتها على جمع الأموال من لا شيء تقريبًا. وفي ظل ارتفاع التضخم، سترتفع العائدات الحكومية من الضرائب، كما سترتفع في الوقت نفسه فاتورة الفوائد.
وقد يؤدي ارتفاع التضخم في اليابان أيضًا إلى إبعاد المستثمرين الراغبين في تداول المناقلة بعيدًا عن الين الياباني بحثًا عن عملة ذات معدل فائدة منخفض. وقد يعني ذلك هبوط في قيمة اليورو والفرنك السويسري.
ومن باب العلم بالشيء، سيتم الإعلان عن قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الوطني في اليابان يوم الجمعة. ومن المتوقع أن يرتفع بنسبة 0.5% على أساس سنوي، مسجلاً نفس قراءة مؤشر طوكيو لأسعار المستهلكين لهذا الشهر، وبناء على ذلك فإنني أشك في أنه سيسبب أي اضطراب كبير في الأسواق.
6) حدوث انكماش
صحيح أنني قد أكون ممن يصدقون كثيرًا رئيس البنك المركزي الأمريكي جيروم باول، ولكنني لا أزال أعتقد أن العديد من المسببات لارتفاع مستوى التضخم في الوقت الحالي هي عوامل مؤقتة. فمثلاً، هناك تغيير في أنماط الطلب وأن أنماط العرض تواجه صعوبة في التكيف. فماذا سيحدث عندما يلتقي الطرفان؟ ماذا سيحدث عندما يلبي العرض الطلب أو عندما تتوسع طاقة الإنتاج لتلبية ما يمكن أن يكون مجرد زيادة مؤقتة في الطلب؟ هناك احتمال أنه مثلما انفجر التضخم فجأة فإنه يمكن أن ينتهي فجأة أيضًا عندما تلتقي زيادة العرض مع تناقص الطلب. عندئذ قد نجد أن معدلات الفائدة الحقيقية أعلى بكثير مما هي عليه في الوقت الحالي.
انفصال أيرلندا الشمالية
صحيح أنه يوجد اهتمام كبير باحتمال أن تقوم إسكتلندا بالتصويت لصالح الاستقلال عن بريطانيا، ولكنني أعتقد أن أيرلندا الشمالية من المحتمل أن تسبق إسكتلندا وتكون أول من يصوت لصالح الاستقلال. فالعلاقات الاقتصادية بين أيرلندا الشمالية والجمهورية أكبر بكثير من تلك بين اسكتلندا والاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن الله يعلم أن الاقتصاد ليس العامل الأهم في هذه الأمور – وإلا لما حدث انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي من الأساس. وحكومة المملكة المتحدة تفسد الأمور في أعقاب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وهو أمر غير مفاجئ لأنه كان المستحيل فعلاً إبقاء أيرلندا الشمالية في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في نفس الوقت -فالجسيمات الكمية هي فقط التي تستطيع أن تكون في حالتين في وقت واحد. وقد تكون انتخابات الجمعية التشريعية لأيرلندا الشمالية المقرر إجراؤها في مايو حدثًا ذو مخاطر بالنسبة للأسواق – فعلى الرغم من أن الأمر ما يزال مبكرًا جدًا إلا أن استطلاعات الرأي وضعت حزب شين فين في المقدمة، وهو حزب يسعى إلى الاتحاد مع أيرلندا الجنوبية.
وبالمثل، أود إدراج احتمال أن يفقد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون منصبه خلال العام في هذه القائمة باستثناء أنني لا أعتقد أن ذلك يندرج تحت “المجهولات المجهولة” على الإطلاق – بل على النقيض فإنني أعطى احتمالاً أكبر من 50:50 لحدوث ذلك.
ففي استطلاع رأي أجري في شهر أبريل قالت نسبة 11% من المشاركين إن الدولة لن تكون في شكلها الحالي بعد عام. وقالت نسبة 35% من المشاركين في استطلاع الرأي إن الدولة لن تكون في شكلها الحالي بعد 5 سنوات.
فالشعب في أيرلندا الشمالية، وليس في اسكتلندا، هو من تساوره الشكوك بشكل أكبر بشأن قوة الاتحاد.
7) انهيار العملات المشفرة
أعتقد أنه من الممكن أن نرى دولة أو أكثر من الدول الكبرى التي تعلن عن طرح عملة رقمية للبنك المركزي. فكما قلت من قبل، سيؤدي ذلك إلى إلغاء علة وجود العملات المشفرة أو العملات المشفرة المستقرة من منور العملة (وإن لم يكن ذلك من منظور “مخزن القيمة”). ولكن إذا تم تجريد العملات المشفرة من مكانتها اللائقة التي تحظى بها حاليًا كوسيلة للدفع، فلماذا من المفترض أن تكون مخزنًا أساسيًا للقيمة؟ وتبعًا لذلك، أعتقد أن الانتشار واسع النطاق للعملات الرقمية للبنوك المركزية يمكن أن يكتب كلمة النهاية لطفرة العملات المشفرة.
كنت بطبيعة الحال متشائمًا بشأن العملات المشفرة لفترة طويلة، ربما لأنني عشت العديد من الطفرات التي تحولت من ازدهار إلى انهيار (أنا أتذكر الفضة عندما ارتفع سعرها إلى نحو 50 دولار للأوقية كما أتذكر شركة مستلزمات الحيوانات الأليفة “بيتس دون كوم” التي كانت يومًا ما محبوبة في الأسواق إلى أن تم تصفيتها يومًا ما.) ربما الخطر الحقيقي هنا هو العكس تمامًا والذي يتمثل في “الذوبان” في عملات مشفرة تمتص الحيوية من الأسواق الأخرى وتجعلني أبدو أحمق (يرجى عدم ذكر تعليقات تحريرية).
8) إنجاز طبي مذهل
لا أعرف ما إذا كان ذلك سيؤثر تأثيرًا كبيرًا على السوق بقدر تأثيره الاجتماعي، ولكن… فكر في مدى السرعة التي تمكنت فيها صناعة المستحضرات الصيدلانية من التوصل إلى لقاح لفيروس كوفيد-19. وأنا لا أعرف ما إذا كان أن الجميع يدرك مدى روعة ذلك. فربما يمثل هذا إنجازًا تكنولوجيًا جديدًا مدهشًا في صناعة المستحضرات الصيدلانية والذي يمكن أن يؤدي إلى ابتكار عقاقير وأدوية جديدة مذهلة لإطالة العمر وتحسين الحالة الصحية للبشر. فإذا أصبح فجأة بمقدور الجميع أن يعيش لمدة 25 عامًا أطول، يمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اضطرابات في الصناعة الطبية وصناعة المستحضرات الصيدلانية، ناهيك عن صناعتي التأمين على الحياة والمعاشات التقاعدية.
لا أزال في انتظار ظهور مجموعة من العجائب التكنولوجية الأخرى مثل الرقائق ثلاثية الأبعاد التي ستسرع الحوسبة بشكل كبير وفي الوقت نفسه حل مشكلة الحرارة، إلخ. ويجب أن أقول ذلك على الرغم من أن الناس لا يدركون ما هي معجزة فرص usb يستوعب بيانات بحجم 2 تيرا بايت
9) شيء آخر
هذه هي “المجهولات المجهولة” الحقيقية – أمور ليس لدينا أي فطرة عنها اليوم ولم نتخيلها أبدًا. وأنا أضمن أن منها ما سيحدث وأن تأثيرها سيكون عظيمًا. تابعونا!
الأسبوع القادم: أسبوع هادئ
كان الأسبوع الماضي حافلاً بالأحداث والبيانات الاقتصادية والتي تضمنت: خمسة اجتماعات لينوك مركزية كبرى والقراءة الأولى لمؤشرات مديري المشتريات ومبيعات التجزئة الأمريكية ومؤشر أسعار المستهلكين بيانات سوق العمل في المملكة المتحدة …إلخ. أما الأسبوع القادم، فليس هناك الكثير. بل لا شيء تقريبًا.
قد يكون يوم الخميس اليوم الوحيد الذي سينصب عليه الاهتمام خلال الأسبوع القادم. سيتم الإعلان عن قراءة تقريري الدخل الشخصي والإنفاق الشخصي في الولايات المتحدة بالإضافة إلى مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي وهو تقرير بالغ الأهمية لأنه المؤشر المفضل للبنك المركزي الأمريكي لقياس التضخم.
ومن المتوقع أن تقفز القراءة الكلية لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي إلى 5.7% على أساس سنوي وهو أعلى مستوى لقراءة المؤشر منذ شهر يوليو 1982، بينما من المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، وهو مقياس التضخم المفضل للبنك المركزي الأمريكي، إلى 4.5% على أساس سنوي ليصل إلى أعلى مستوى منذ مارس 1989. وكلا المستويين أعلى بكثير من مستوى 2% الذي يستهدفه البنك المركزي الأمريكي، مما يؤكد فكرة أن التضخم قد خرج عن السيطرة.
ولكن بعد مضاعفة البنك المركزي لوتيرة تخليه التدريجي عن التيسير الكمي وإعلان توقعات بشأن سعر فائدة الأموال الفيدرالية والتي جاءت أقوى بكثير من توقعات السوق، فهل يمكن لأي شيء أن يصنع الفارق في الوقت الحالي؟ لست متأكدًا من أن الدليل على ارتفاع التضخم سيغير تفكير أي شخص. ففي الوقت الحالي، سيكون من الصعب على السوق الأخذ في الحسبان تنفيذ تشديد نقدي بقدر أكبر مما وعد به البنك المركزي الأمريكي بالفعل.
وفي الوقت نفسه، فتقريري الدخل الشخصي والإنفاق الشخصي من المتوقع أن يرتفعان عن الشهر السابق بنسبة 0.5% على أساس شهري و0.6% على أساس شهري على الترتيب. وسيؤدي ذلك إلى تسجيل الدخل الشخصي لارتفاع بنسبة 10.3% والإنفاق بنسبة 10.9% على أساس سنوي وهو ارتفاع يفوق مستويات ما قبل الجائحة. وفي اقتصاد يقوده الاستهلاك مثل الولايات المتحدة، يشير هذا النوع من الزيادة المطردة إلى دعامة قوية للاقتصاد.
فارتفاع الدخل الشخصي يعكس شيئين: أولاً أن عددًا كبيرًا من الأشخاص يعملون. وثانيًا، أن الأجور آخذة في الارتفاع، وخصوصًا بالنسبة للأشخاص الذين يتقاضون أجورًا منخفضة. ومما لا شك فيه أن ارتفاع الدخل يكون ثمرة المنافسة الشديدة التي شوهدت في الولايات المتحدة مؤخرًا (وفي أماكن أخرى من العالم أيضًا) بين الأشخاص الذين يقبعون في أسفل سلم التوظيف حيث يتعين على الكثيرين منهم القيام بوظائف خطرة حيث يتعاملون مع جمهور (لا يرتدي كمامات وغير حاصل على لقاحات ووقح) دون أي حماية.
ينصب قدر كبير من الاهتمام على معدل ترك الوظائف، وهي النسبة المئوية للأشخاص الذين يتركون وظائفهم بإرادتهم كل شهر. وقد ارتفع هذا المعدل مؤخرًا إلى مستوى قياسي. ويتم النظر إلى هذا المعدل باعتباره مقياسًا لثقة الأفراد في قدرتهم على الحصول على وظيفة جديدة. والنقيض لذلك هو معدل التوظيف – والذي سجل هو الآخر بدوره ارتفاعًا قياسيًا في الآونة الأخيرة (باستثناء الزيادة التي حدثت بعد رفع قيود الإغلاق العام مباشرة). فعادة ما ينتقل الأشخاص الذين تركوا وظائفهم إلى وظيفة ذات أجر أفضل. وهذا يشرح بشكل جيد كيف يمكن ارتفاع الدخل والإنفاق الشخصيين كثيرًا في الولايات المتحدة – فالأمريكيين يقومون بالحصول على وظائف أفضل.
سيصدر أيضًا يوم الخميس تقرير طلبيات السلع المعمرة في الولايات المتحدة. تتوقع السوق تسجيل ارتفاع كبير بنسبة 2% على أساس شهري في أعقاب ثلاثة أشهر متتالية من الانخفاض. سيؤدي ذلك إلى رفع الطلبيات إلى 15.5% مسجلاً ارتفاعًا مدهشًا فوق مستويات ما قبل الجائحة. ما نراه على الصعيد العالمي أشبه باندفاع نحو الاستثمار من أجل التغلب على الاختناقات وأوجه النقص التي تحدث. وكما ذكرنا من قبل، يمكن أن يكون ذلك بمثابة بذر بذور الانكماش – أو على أقل تقدير خفض التضخم – إلى مستوى متدني.
ستعلن كندا عن قراءة تقرير الناتج الإجمالي المحلي الشهري يوم الخميس أيضًا. لا تتوفر أي توقعات حتى الآن.
ستبدأ الولايات المتحدة عطلة عيد الميلاد اعتبارًا من يوم الجمعة. وبالتالي فإن التقرير الأسبوعي لالتزامات المتداولين سيصدر يوم الخميس. حسنًا…، إذا كان يستطيعون إصداره يوم الخميس فلماذا لا يفعلون ذلك في كل أسبوع؟